2022-12-10
الحصاد المائي
لس د العجز المائي والتنمية المستدامة
Water Harvesting
To bridge the water deficit and sustainable development
د. صافية زفنكي بالاشتراك مع أ.د. رفيق سليمان
جامعة دمشق الثانية مدير المركز الديمقراطي العربي في برلين
الملخص
هذه الورقة توجز بعض الطرق والأساليب للحصاد المائي، التي يمكنها أن تسهم في سدِ العجز المائي، وفي تعزيز الأمن المائي، وفي الح ِّد من مشكلة التصحُّر، في مختلف المناطق من مدن وسهول وبوادي وفي المنازل أيضاً، ويمكن إيجازها بالنقاط التالية:
الحصاد المائي في السهول والبوادي)من خلال برك تجميع مياه الأمطار( : بإقامة سدود طبيعية وخزانات اصطناعية، التي ستسهم في التنمية المستديمة من خلال تحويل أماكن هذه البرك إلى تجمع بشري، ومج م ع سياحي، باستثمار الإمكانات الطبيعية والثروات المتوفرة في الصحارى والسهول ما يسهم في تنمية تلك المناطق.
حصاد الثروة المائية في المدن، من خلال إدارة هذه المياه بطريقة مفيدة، وتطوير مشروعات البنية التحتية المتعلقة بها، من مثل إنشاء شبكة صرف لمياه الأمطار منفصلة عن المجاري، ولاسيما في المناطق الجديدة، وتأمين مصارف خاصة للمياه الفائضة مع التحكُّ م بالفيضانات .
الحصاد المطري المنزلي، من خلال تجميع مياه الأمطار على الأسطح، يتم التقاطها وتخزينها، بدلا ً من السماح لها بالجريان أو التبخر أو التسللُّ إلى التربة، بالاستفادة من أنظمة الصرف والمزاريب، وتخزينها باستخدام مواد صحية وغير مكلفة.
تختتم هذه الورقة بتقديم اقتراحات لاستثمار إمكانات الصحارى بجميع مواردها الطبيعية والبشرية، لخلق تنمية مستدامة بأبعادها الاقتصادية والبيئية والثقافية والاجتماعية.
Abstract:
This paper will summarize some of the ways and methods of water harvesting which can contribute to bridging the water deficit, enhancing water security, and reducing the problem of desertification, through the following points:
Rainwater harvesting ponds (water harvesting in the plains and deserts): by constructing natural dams and artificial reservoirs, which will contribute to sustainable development by transforming the places of these ponds into a human gathering and a tourist complex, by investing the natural potentials and resources available in the deserts and plains.
Harvesting the water wealth in the cities, by managing this water in a beneficial manner, and developing related infrastructure projects, such as establishing a rainwater drainage network separate from sewage, especially in new areas, and securing private drains for surplus water with flood control.
Domestic rain harvesting, by rainwater harvesting to roof-top, captured, and stored, as opposed to allowing it to run off, evaporate, or infiltrate into the soil, by making use of drainage systems and gutters, and storing it using healthy and inexpensive materials.
This paper concludes with proposals to exploit the potential of deserts with all their natural and human resources, to create sustainable development with its economic, environmental, cultural and social dimensions.
المقدمة:
يقصد بحصاد المياه تجميع مياه الأمطار في عدة أشكال، خلال فترة زمنية معينة من الدورة الهيدرولوجية، التي تبدأ من وصول الأمطار إلى أسطح المباني أو الأراضي وحتى مرحلة جريان مياه، في شكل سيول أو بتحويل جزئي لتصريفها في الأودية والأنهار أو حجز هذه المياه عن طريق بناء سد في مجراه أو منشآت تحويلية، بهدف التخزين والاستفادة من هذه المياه في أوقات انعدام هطل الأمطار أو أوقات الجفاف، حيث يق ل تصريف جريان الأودية أو يتوقف.
من أجل تعزيز الأمن المائي، وتحقيق تغذية المياه الجوفية بشكل مستديم، ولتقليل الفاقد من هذه المياه المهمة، لا بد من وضع خطط استراتيجية تتناسب والزيادة السكانية التي تشكل ضغط اً على مصادر الحياة المتنوعة ومنها المياه بما يحقق التوازن بين الاحتياجات الحالية من المصادر وما يحقق استدامة هذه المصادر للأجيال القادمة. إذ لا توجد خطة متكاملة للاستفادة من مياه الأمطار في المناطق المتصحرة.
و تعتبر المشروعات المائية التي تقوم بها الحكومات لسد هذا العجز حلولا ً مؤقتة لا يمكن التعويل عليها في إيجاد حل جذري لأزمة المياه في المنطقة على المديين القريب والبعيد .وتتفاقم الأزمة المائية نتيجة ازدياد الطلب ومحدودية المصادر، فضلاً عن استمرار التلوث في الأنهار والبحيرات والمجاري المائية.
هذه الورقة توجز بعض الطرق والأساليب للحصاد المائي، التي يمكنها أن تسهم في سدِ العجز المائي، وفي تعزيز الأمن المائي، وفي الح ِّد من مشكلة التصحُّر .
التمهيد:
التنمية المستديمة تعني عدم استنزاف الموارد الطبيعية أو تلويثها. لا بد من خلق توازن بين الحاجات الحاضرة وتأمين حقوق الأجيال اللاحقة من هذه الموارد.) الركابي:2222، 821(.
يعتبر استنزاف المياه العذبة أحد العناصر الرئيسية للتدهور البيئي، إذ تنقل المياه المغذيات والمعادن والمواد الكيميائية داخل المحيط الحيوي إلى جميع أشكال الحياة، وتدعم النباتات والحيوانات على حد سواء) .عبد الصدوق:2222 ،022(. التنمية المستديمة من الناحية البيئية تستلزم حماية نوعية المياه العذبة وإمداداتها ،وتعزيز الزراعة والتنمية الريفية المستدامة .تتطلب التنمية المستدامة السير في ثلاثة اتجاهات: المحافظة على البيئة، وتحقيق نمو اقتصادي معقول ،وتحقيق العدالة الاجتماعية، فالسير في هذه الاتجاهات الثلاث بشكل متوازن سيؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة وضمان حياة جيدة للبشرية اليوم وللأجيال القادمة) .الركابي ،2222: 9-82(.
المياه الجوفية:
هناك مصدران أساسيان في تلبية الاحتياجات المائية هما: من
المياه السطحية)التي تشمل مياه الأنهار والبحيرات ومجاري الوديان(، ومن المياه الجوفية )التي تشمل
الآبار والينابيع والكهوف ).
تزايد الاهتمام بالمياه الجوفية لأنها تش ِّك ل المساحة الأكبر من المياه مقارنة بالمياه السطحية التي تشكل نسبة ضئيلة، بالإضافة إلى تعرضها لمخاطر التبخُّ ر والتل و ث، بالإضافة إلى التكلفة الباهظة لصرفها من إقامة الخزانات
والسدود والقناطر وش ق القنوات اللازمة لاستخدام هذه المياه، ومن هنا تتضح أهمية المياه الجوفية كمصدر رئيسي يمكن الاعتماد عليها إذا ما أحسن استغلاله لسد حاجة الإنسان والحيوان والنبات .
على الرغم من أن المياه الجوفية نقية وخالية من التل و ث والبكتيريا الضارة، لكنها قد تتعرض للتلوث نتيجة بعض العوامل الخارجية مثل وجود عيوب في تصاميم آبار المياه، واستعمال طرق غير صحيحة للتخ لُّص من القاذورات والفضلات الصناعية والزراعية والحيوانية، أو وقوع الآبار بجانب المصارف والمجاري الصحية والفيضية)الناتجة من السيول( ،أو تداخل مياه البحر المالحة إليها، وغيرها.
ولحماية آبار المياه ينبغي أن تحدد مواقعها بعيداً عن مصادر التلوث ويراعي عند تصميمها وإنشائها الحماية الصحية اللازمة، بحماية المياه الجوفية من التلوث من خلال الحفاظ على منسوب المياه الجوفية عن طريق حفر البئر إلى عمق مناسب والتحكم في كمية المياه المسحوبة من الآبار.
لا بد من الإشارة إلى أن ثمة اتجاه يميل إلى استخدام آلات وأجهزة تعمل على الطاقة الشمسة ، فعلى الرغم من تكلفتها العالية، إلا أنها تبقى صديقة للبيئة، من ذلك: مضخات لسحب المياه، و لوحات للتخفيف من تبخر المياه السطحية، وكلها تعمل على الطاقة الشمسية، التي يمكن من خلالها توفير التكاليف المادية على المزارع ، من مادة المحروقات، أو الكهرباء.
-
برك تجميع مياه الأمطار )الحصاد المائي في السهول والبوادي( :
حصاد مياه الأمطار(harvesting water rain) هو عملية تجميع ميـاه الأمطار والمتمثلة بالسيح السطحي لهذه الأمطار والمتكونة فـي منطقـة الحصـاد( area catchment ) لاستخدامه فيما بعد في منطقة أخرى. هذه العملية يمكن تطبيقهـا بصــورة طبيعية أو اصطناعية ،اذ يمكن التعامل مع هذا الماء إما بتحويله مباشرة الى مشروع اروائي لغرض سقي الأراضي الزراعية أو يتمُّ خزنه بإحدى طرق الخزن، التي تشمل قطاع التربة أو إنشاء خزانات سـطحية أو تحت سطحية أو تغذية حشارج مائية. تستخدم مياه الخزن هذه فيما بعد لأغراض مدنية او للأغـراض الزراعية والري التكميلي، ولنجاح عملية حصاد المياه لابد ان تتلاءم المعلومـات والبيانـات المناخيـة والهيدرولوجية والطوبوغرافية بالإضافة الى معلومات عن خصائص التربة عند الشروع فـي اختيـار أي موقع لتطبيق آلية حصاد مياه الأمطار. )داغستاني و السالم والشكرجي: 2222، 22(
يمكن استثمار طرق الحصاد المائي في إقامة سدود اصطناعية بكلفة بسيطة، من خلال مشروع بسيط في حصد السيول
:
ثمة فكرة بسيطة، نتائجها مفيدة، وتتلخص بما يلي : اختيار واد يسيل غالباً في السنة مرة على الأقل، وذلك بعد إجراء دراسة الظروف المناخية والوضع الطبوغرافي والبيئي، ومن ثم إقامة سد ترابي أو حجري صغير في مكان مناسب من مجرى الوادي، من أجل جمع الماء في غدران اصطناعيةCatchment area أثناء جريان الوادي . وإنشاء خزانات مائية خفيفة ،ورخيصة Water tank تكون من مادة البولي إيثيلينPolyethylene أو ما شابهها بمقاسات ضخمة ومختلفة، توضع بالقرب من الس د ومثبتة بالأرض بشكل محكم . وعند تجمُّ ع الماء خلف الس د ، ت سحب المياه من البحيرة المؤقتة عن طريق سيارة خاصة بذلك مجهزة بمضخة وفلاتر لتصفية المياه، وتنقل إلى الخزان الاصطناعي المعد سلف اً. )المسند،2288(.
مشكلة تخزين المياه في بحيرات سطحية تجعلها عرضة للفقد نتيجة التبخر خصوصاً في الصيف. يمكن تخزين المياه في الخزانات الجوفية غير المشبعة في المناطق الجافة وشبه الجافة ذو جدوى اقتصادية أفضل بكثير من تخزين المياه في خزانات سطحية للعديد من الأسباب منها المحافظة عليها من التبخُّ ر بالإضافة الى التكلفة المنخفضة للتخزين داخل الخزانات الجوفية.
يمكن تخفيف التبخُّ ر من الغدير الاصطناعي عن طريق زيادة عمق الحفرة وزراعة أشجار حوله كمص د ات للرياح وإنشاء الغدير بشكل عمودي على اتجاه الرياح. ويمكن الاستفادة من المياه وسحبها من الحفرة بواسطة أنابيب تقام على مستوى أرضية الغدير وترتفع خارجها لتزويد الصهاريج بالمياه.
مع مراعاة المواصفات العلمية لبناء أحواض السدود المتع لِّقة بأسس تحديد الأبعاد والأعماق والانحدارات الملائمة للمنطقة والظروف المناخية والبيئية المحيطة بها مما يؤدي إلى وصول المياه إلى آبار المزارع المجاورة وزيادة منسوب المياه فيها، وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى من السدود القائمة.
هنا لا ب د من الإشارة إلى أن المراوح الفيضية Alluvial Fans تعدُّ من تقنيات حصاد المياه، وهي تناسب المناطق الجافة وشبه الجافة، هي تقنية ف ع الة كنموذج لحصاد مياه الأمطار عن طريق تحديد المواقع المثلى وتصـميم مواقع القواطع والحواجز الصغيرة لتغذية الحشارج أسفل المروحة الفيضية. و)تختلف أحجام المراوح الفيضية بحسب حجم أحـواض التغذيـة لهـذه المـراوح والعوامـل الجيولوجية والمناخية المؤثرة عليها. وقد تم تقسيمها الى ثلاثة انواع مختلفة وذلك بحسب شكلها وحجمهـا المميز من الصور الجوية ومراحل بنائها ودرجة فعاليتها( .
)داغستاني و السالم والشكرجي: 2222، 22(
فوائد هذه البرك والخزانات أنها من صميم التنمية البيئية المستدامة، من خلال حفظ )بعض( مياه السيول والحيلولة دون تبخره، أو تسربه إلى الأرض خلافاً للسدود، ولتصبح الخزانات الاصطناعية نقطة مائية مهمة للرعاة لسقي مواشيهم، أو نقل الماء لمضاربهم، وهو الهدف الأساس، وقد يدوم الماء في الخزانات بضعة أشهر طول أشهر الصيف وغيرها. وقد يستفاد من الخزان أيضاً في ر ي أشجار صحراوية، تستزرع حول الخ ز ان لجعل ما حوله واحة غنية بخضرتها، وتوطين الحياة حولها. ويمكن أن تسهم في إعادة تأهيل القرى والهجر للح ِّد من الهجرة منها إلى المدن المزدحمة بسبب نقص المياه ،وتحقيق الزراعة المستدامة في المناطق الزراعية التقليدية الواقعة على ضفاف الأودية والتي أصبحت تعاني من نقص الماء بسبب ضعف المخزون المائي لعدم استفادتها من مياه السيول. )المسند: 2288(.
ويمكن اقتراح مج مع سياحي بالقرب من هذه المنطقة)بعيداً عن تجمعات المياه درء اً لأخطار الفيضانات عند حدوثها( تتضمن مبان تحاكي العمار المحلي، تحتوي على مطاعم أو قاعة لمسرح أو سينما وغيرها ضمن أبنية طينية معالجة، يمكن أن تمزج بين التراث والمعاصرة، أو قطع فنية ونحتية وهندسية متميزة. ويمكن تخصيص قسم خاص للأطفال تتضمن أبنية طينية ملونة، كل مبنى يمثِّل مجسماً لنباتات أو حيوانات من البيئة المحلية وغيرها.
ونظراً لصعوبات طبيعة المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، وشدة مشكلاتها، يمكن تقديم بعض الاقتراحات التي يمكن أن تسهم في التنمية المستدامة فيها:
يمكن استثمار المنخفضات الصحراوية لتنمية الواحات الصحراوية ولاسيما أنها تحتوي على تربة خفيفة مع وجود المياه الجوفية. كما يمكن استغلال المناطق السهلية والمنخفضة والتي تتعرض إلى انسكاب مياه السيول، والتي تصبح مناطق صالحة للزراعة. ويمكن نقل المياه من خزانات الخزف الطبيعية والاصطناعية إلى أعماق الصحاري للاستفادة منها في عملية التنمية. ولا بدّ من التنقيب عن المياه الجوفية، حيث توجد طبقات مائية عميقة يجب التنقيب عنها واستثمارها بواسطة الآبار العميقة والمض خ ات العمودية واستعمال الوسائل الحديثة للتصوير من الطائرات والأقمار الاصطناعية تساعد على استكشاف المياه في هذه المناطق. كما تتميز المناطق الصحراوية بوجود تباين كبير في درجات الحرارة بين فصل الشتاء وفصل الصيف، إضافة لوجود تباين يومي كبير بين درجات الحرارة في الليل والنهار، وإن التباين اليومي هذا لدرجات الحرارة يؤ د ي إلى تشكيل ظاهرة الندى والتي يمكن اعتبارها كمصدر مائي إضافي في هذه المناطق. ولا بدّ من الاهتمام بزراعة النباتات المقاومة للجفاف والتي تتصف باحتياجات مائية خفيفة بحيث تتلاءم مع مقدار المخزون المائي الضعيف المتوفر في تربة هذه المناطق .
ويمكن استثمار النباتات الطبيعية وتنميتها للأغراض الرعوية والطبية . )عبد ، 0202: 082-082(.
التنمية المستدامة لا تنحصر في المجالين الاقتصادي والبيئي في تحقيق الحاجات التنموية بشكل متساوٍ للأجيال الحاضرة والمستقبلة والحفاظ على الموارد الطبيعية المتجددة فحسب، بل تتضمن كذلك احترام تنوع الاختلافات الثقافية والاجتماعية الإنسانية أيضاً فهي الجزء الأسمى لأن ذلك ما يميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية الأخرى في خريطة تشكيل هذا الكون والبيئة .
من متطلبات التنمية المستدامة المساواة في توزيع الموارد والمنتجات والخدمات فيما بين جميع الأفراد داخل المجتمع، من خلال الحصول على المساواة في التعليم والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية، وعلى الأراضي والموارد الطبيعية الأخرى، وفي حرية الاختيار والحقوق الأساسية الأخرى، ما يسهم في تنشيط التنمية الاقتصادية وتحسين الرفاه الاجتماعي وحماية التنوع الثقافي، والاستثمار في الرأسمال البشري.)الركابي: 2222: 99-91(
حصاد الثروة المائية في المدن:
ثمة استهتار في الاستفادة من الهطولات المطرية، إذ يهدر معظمها في غير مكانها ولاسيما في المدن، حيث يصبّ معظم هذه المياه المطرية ويتسرب إلى المجاري ؟ فلماذا لا يتمّ تأمين مصارف خا ص ة للمياه الفائضة مع التحكُّ م بالفيضانات بطرق أخرى؟
إن تصميم المدن بشكل عام سبب أساسي في تجمعات المياه ،بالإضافة إلى عوامل تغير المناخ غير المتوقعة.
لا بد من إدارة هذه المياه بطريقة مفيدة ،وحماية المصادر المائية بمختلف الطرق، من ذلك: تطوير مشروعات البنية التحتية المتعلقة بها، ولاسيما في المدن التي تواجه مشكلات سنوية ناجمة عن تساقط الأمطار ،بدراسة ميلان الطرق، ولاسيما المنخفضة منها، لتوجيه معظم المياه إلى الأنهار والسدود، لا إلى المجاري، أو بالتجمع في المناطق المنخفضة. و لا بد من إكثار زراعة الأشجار حول الأنهار للتخفيف من تبخر المياه، إلى جانب فوائدها في تنقية البيئة وتجميلها. وللتخفيف من انجراف التربة، فالتربة أيضاً ثروة يصعب تعويضها إذا فقدت.
ولا بد من إنشاء شبكة صرف لمياه الأمطار ،ولاسيما في المناطق الجديدة. إن مشروع صرف مياه الأمطار يستغرق سنوات ويحتاج الى تكاليف ومع د ات ودراسات كثيرة. وعن مشكلة تكلفتها المرتفعة، يمكن اقتراح حل بمشاركة القطاع الخا ص مقابل قروض تس د د على المدى البعيد.
- الحصاد المطري المنزلي:
أنظمة تجميع مياه الأمطار على الأسطح شائعة، يتم التقاطها وتخزينها، بدلا ً من السماح لها بالجريان أو التب خ ر أو التسلل إلى التربة، من خلال الاستفادة من أنظمة الصرف والمزاريب. تعتبر الأسطح المعدنية مثالية لتجميع مياه الأمطار. من السهل الحفاظ على نظافتها و على مستوى عالٍ من جودة مياه الأمطار. قد تح د بعض مواد الأسطح، مثل الأسفلت، من استخدامات المياه إلى غير الصالحة للشرب. تستخدم أنظمة النقل عبر المزاريب والقنوات وأنظمة الأنابيب لنقل المياه المجمعة إلى المخازن ومناطق الاستخدام. تحتفظ أنظمة التخزين بمياه الأمطار المجمعة لاستخدامها لاحقاً. وعادة ما تكون هذه الخزانات إما على السطح أو تحت الأرض. يمكن أيضًا استخدام البرك المفتوحة، خاصة ً للتأثيرات الزخرفية. ستكون المعالجة مطلوبة لمعظم استخدامات الشرب وربما لبعض الاستخدامات غير الصالحة للشرب. تشمل المعالجة عادة ً الترشيح لإزالة الجسيمات في جمع ونقل مياه الأمطار. قد تكون هناك حاجة للتطهير البسيط )المعالجة بالكلور والأشعة فوق البنفسجية والأشعة فوق البنفسجية والشمسية( للتحكُّ م في نمو الميكروبات في أنظمة مختلفة، بما في ذلك نظام التخزين . )Madina, 2016: 32 (
يشار هنا إلى أن من أساليب إنشاء برك تجميع مياه الأمطار)ولاسيما المنزلي منها( تبطين المسط حات والحفر بالبلاستيك ،أو تبطينها بالنايلون لانخفاض تكاليفها وسهولة إزالتها، ويمكن تبطينها بالإسمنت إلا أنها عالية الكلفة.
يمكن الاستفادة من مياه النوافير والبرك التجميلية، بعد تنظيفها وفلترتها من الأوساخ والطحالب، لر ي المناطق الزراعية المحيطة، بدلاً من هدرها.
إلا أن ما يؤخذ على معظم هذه المشاريع، تكلفتها العالية، عدم كفاية مردودها ، وتباينها ،بسبب اختلاف الظروف المناخية من منطقة إلى أخرى، وطبيعة التربة وتنوع التضاريس ،والتغيرات المناخية وغيرها.
استثمار المناطق الصحراوية وتنميتها
لا بد من الاهتمام بالمناطق الصحراوية وتنميتها واستثمار جميع إمكاناتها وثرواتها للمساهمة في عملية تطوير البلاد. وذلك من خلال استثمار الثروات والمعادن المتوفرة فيها، من
مثل الرمل الزجاجي وغيره. وينبغي استثمار الطاقة الشمسية والهوائية لإنتاج الطاقة الكهربائية وفي الاستفادة من الطاقات البشرية وخاصة السكان البدو، من خلال عملية توطينهم وتوعيتهم ليصبحوا جزءاً من العملية التنموية في المنطقة. كذلك لا بدّ من تنمية الثروة الحيوانية الموجودة عن طريق الإدارة الجيدة للمراعي الطبيعية وتوفير الرعاية البيطرية. )عبد، 0202: 082-082(
يعتبر التخطيط البيئي عملية مكمِ لة متكاملة مع عمليات تخطيط التنمية، وهو مفهوم حديث يقوم من منظور بيئي ويضفي الحماية على المكونات البيئية والحفاظ على نوعيتها، وهو منهج جديد وف عال في خطط التنمية. )عبد الصدوق:2222 : 022(
إ ن التنمية المستدامة تعني المشاركة، أي أن يشارك الناس في صنع القرارات التنموية التي تؤثر في حياتهم. فالإنسان يشكل محور تعاريف التنمية المستدامة، فضلاً عن العدالة والمساواة. فالمشاركة الشعبية في التنمية المستديمة تعني مشاركة جميع الجهات ذات العلاقة في اتخاذ قرارات جماعية، ولاسيما في مجال تخطيط التنمية ووضع السياسات وتنفيذها، فالتنمية المستديمة تبدأ في المستوى المكاني المحلي، كنوع من اللامركزية يم ِّكن الهيئات الرسمية والشعبية في المشاركة في إعداد الخطط وتنفيذها ومتابعتها. )الركابي: 2222: 821(
من متطلبات التنمية المستدامة في واقع الحياة الإنسانية نظام سياسي يؤ ِّمن المشاركة الف عالة للمواطن في عملية صنع القرار في مختلف مستويات الحياة والفعاليات الإدارية والاجتماعية. )الركابي: 821(
إن قضية التنمية والتطور الاقتصادي في منطقة الصحراء لا يعتمد على إطلاق مشاريع تنموية وزراعية وتجارية وثقافية وسياحية في المنطقة الصحراوية فحسب، بل تشترط أرضية سياسة وطنية متر وية ومتوازنة تهدف إلى تحقيق التط ور الاقتصادي والثقافي وتوفير آليات قانونية وإدارية واسعة لتوسيع الصلاحيات المحلية إداري اً وخدمي اً والتي ستخلق حركة تنموية واقتصادية وحضارية على المستوى الإقليمي والوطني والعالمي والتي بدورها ستوفر السياسات والأدوات المؤسسية والإدارية لتعزيز الاستثمار وتنفيذ المشاريع الإنمائية في منطقة الصحراء، والتي ستسهم بشكل أو بآخر في وضع ح د لمع دل البطالة والذي يبلغ حوالى ضعف المعدل الوطني) 8991 في المئة مقابل 991 في المئة في العام 2221(، وكما ستوف ر فرص اً كبيرة للعمل على المستوى الإقليمي والوطني.
ولكن تطبيق المشاريع التنموية في منطقة الصحراء ونجاحها يتوق ف إلى ح د كبير على طبيعة السياسة المرنة والحكيمة للدولة ،من ناحية دعم المشاريع في الصحراء، وذلك في مقابل الاستثمار الخا ص والعام على المستوى الوطني والعالمي، ولاسيما أن المملكة المغربية لا تملك الإمكانات اللازمة للاستثمار بق وة في اقتصاد الصحراء لذلك فهي بحاجة إلى خريطة طريق سياسية تتمي ز بالصدق وتحظى بالثقة لجذب الشركات الاستثمارية والتنموية العالمية والإقليمية إليها. فالمصاعب التي تواجهها المغرب هي كيفية رسم خطة خارطة الطريق لتحقيق الاكتفاء الذاتي للصحراء على المستوى الاقتصادي والإداري والتنموي.
[1] - تم تقديم هذه الورقة في المؤتمر الدولي الأول حول البحث العلمي والابتكار ورهان التنمية المستدامة .منطقة العيون، المملكة المغربية، تموز،
2222